أشهر محاميّ دعاوى نفي وإثبات النسب في الوسط الفني.. «استراتيجية الدفاع والهجوم»

«جئت لا أعلم من أين ولكني أتيت .. ولقد أبصرت للدنيا طريقًا فمشيت.. كيف جئت؟ كيف أبصرت طريقي؟ لست أدري»..

كانت هذه كلمات إيليا أبو ماضي التي تغنى بها عندليب الزمن الجميل، عبد الحليم حافظ، في واحد من أشهر مشاهد السينما المصرية، والمؤكد أن المخرج حسن الإمام لم يفكر وهو ينهي واحدًا من أهم أفلامه الميلودرامية التي برع في تقديمها أن تعبر السينما عن الواقع إلى هذه الدرجة مثلما حدث في «الخطايا»، في مشهد كان أقرب لواقعية صلاح أبوسيف وليس لمعالجة «الإمام».
«أحمد عز، زينة، أحمد الفيشاوي، هند الحناوي، جمال مروان، وقمر اللبنانية»، أسماء كان يمكن لأصحابها احتلال أغلفة المجلات الاجتماعية والفنية دون مجهود، لكن أبطالها شاء لهم القدر أن يكون لهم قصة مختلفة، وأن يكون المؤلف في هذا الفيلم الواقعي محاميًا لا كاتبًا، وأن يكون المخرج قاضيًا لا مبدعًا.
وتعتمد القصة في أي فيلم على أبطالها، وأبطال مثل هذه القضايا لا يكونون أصحابها بل محامو قضايا النسب الذين يتحدثون باسم الأبطال في المحاكم، وخلال محاولاتهم للوصول إلى العدالة تتنوع أساليبهم وطرقهم وفق القضية وحسب طبيعة الأزمة وإمكانية حل الإشكالية.
مرتضى منصور.. هشام خليفة
شهد صراع المحاكم في قضايا النسب قصة لفيلم آخر كان بطلاها الفنانة قمر اللبنانية، ورجل الأعمال جمال مروان، لكن الأبطال هذه المرة كانا مختلفان، فكان مرتضى منصور هو محامي «قمر»، وهشام خليفة، محامي «مروان»، وهما اللذان كتبا القصة بكل تفاصيلها.
«أنا صاحبة حق وربنا مسبنيش وبعتلى مرتضى منصور اللي لا بينشري ولا بينباع، ومش ممكن حد يغريه بالفلوس».. قالتها «قمر» عن محاميها مرتضى منصور الذي حاول إثبات بنوة الطفل «جيمي» لجمال مروان، مشددًا على أنه في حالة عدم إثبات التحاليل لأبوة جمال مروان للطفل، فإنه سيتولى الدفاع عن «مروان» ضد «قمر».
وقدم «منصور» أدلته إلى المحكمة، وطالب بالتقاط صور جديدة للطفل، وإثبات الشبه الكبير بينه وبين «مروان»، بينما دافع هشام خليفة عن جمال مروان مؤكدًا عدم وجود علاقة شرعية أو غير شرعية بين «قمر» وموكله نافيًا أي صلة لـ«مروان» بالطفل «جيمي».
تدخل القدر ليحسم القضية بزاوية مختلفة لم يتوقعها أحد، بعد أن تم اتهام مرتضى منصور في قضية «موقعة الجمل» أثناء تداول الجلسة في المحاكم، وهو ما وضع «قمر» في ورطة، وبعد سلسلة من التأجيلات تم رفض دعوى النسب وحفظ القضية، بعد أن أثبت «خليفة» بالمستندات أن جمال مروان لم يكن موجودًا في لبنان في اليوم الذي قالت فيه «قمر» إنه تزوجها، كما أنه أثبت أن الشهود الذين قالت «قمر» إنهم حضروا حفل زواجها في لبنان، لم يكونوا في لبنان في ذلك اليوم من الأساس.
وخسرت «قمر» معركتها بعد فشلها في إثبات نسب ابنها «جيمي»، في القضية التي رفعتها ضد جمال مروان، ولم تتمكن من إحضار شهود لإثبات علاقة الزواج، وهو ما ترتب عليه صدور قرار المحكمة .الذي استند إلى الشريعة الإسلامية. تشترط فيه لإثبات النسب وجود علاقة زوجية، فإذا لم يكن هناك علاقة زوجية فلا محل لإثبات النسب، ويصبح الطفل مجهول النسب.
عاصم قنديل يدخل المواجهة
بعد شطب القضية منذ أكثر من سنتين، وأصبحت القصة بلا محتوى، بحثت «قمر» عن منقذ آخر لها فأوكلت القضية برمتها إلى عاصم قنديل، حيث قضت محكمة الأسرة بالعجوزة، أول الأسبوع، بقبول الاستئناف المقدم من «قنديل» على قرار محكمة أول درجة بعدم قبول دعوى إثبات النسب المقامة منها ضد «مروان».
ويبدو أن «قنديل» سيتبع استراتيجية أخرى غير التي اتبعها «منصور» حيث قام بإجراء تحليل «دي إن إيه» لـ«قمر» وابنها بأحد المعامل الطبية، في لبنان، وتم تسليم عينة التحليل إلى محكمة الأسرة لمضاهاتها بتحليل جمال مروان، لكن «مروان» رفض إجراء التحليل، قائلًا إنه «لم يكن له علاقة مع قمر، ولم يتزوجها عرفيًا أو رسميًا».
كواحد من أهم قصص الموسم يأتي خلاف «عز وزينة»، والمتوقع لها أن تتصدر الأخبار الأكثر أهمية خلال الشهور المقبلة.
ورغم نجاح «عز وزينة» فنيًا من قبل وتلاصق اسميهما معًا على أفيش واحد، إلا أن القدر اختارا لهما أن يكتب اسميهما مجددًا في صفحات الحوادث، وأن يظلا مصدرًا لجلسات النميمة خلال الأشهر في مصر.
ولأن القصة حاليًا بلا مضمون لامتناع «عز وزينة» عن الحديث، وهو ما أدى لانطفاء نجميهما ليبرز في السماء نجمان أخران يعول عليها كل طرف إثبات أنه المظلوم في نهاية القصة، وهنا ظهرت مبارزة قضائية جديدة بين محامي أحمد عز، مرتضى منصور، ومحامي زينة، عاصم قنديل.
وأكد «منصور» في تصريحاته أنه سيواصل المعركة القضائية لحين إثبات أن «عز» ليس والد الطفلين.
أما «قنديل» فيدفع حاليًا إلى الوصول بـ«عز» إلى إجراء تحليل الحمض النووي، خاصة بعد قيامه بإشهار صور تجمع طرفي القضية في الولايات المتحدة الأمريكية، داحضَا حديث «عز» بأنه لم يتزوج «زينة»، قائلًا إنه يمتلك أوراق ومستندات بخط يد «عز» تثبت زواجه من موكلته وأبوته لولديها التوأم.
ويعتمد «قنديل» على إثبات التناقض في أحاديث «عز» بشكل عام، لدرجة جعلته يقدم للنيابة ورقة تثبت زواج «عز» من المطربة أنغام، كي يثبت كذب خصمه الذي قال إنه «لم يتزوج من قبل مطلقًا».
محمد الدكر.. ممدوح الوسيمي
من أشهر القصص التي احتلت صفحات الصحف في فترة ما كانت قضية الفنان أحمد الفيشاوي ومهندسة الديكور هند الحناوي، لكن بطلاها الحقيقيان كانا محمد الدكر، محامي «الفيشاوي»، وممدوح الوسيمي، محامي «الحناوي».
ظلت القضية في ساحات المحاكم لمدة عام ونصف، بدأت بإقامة «الحناوي» دعوى إثبات نسب بنوة ابنتها «لينا» لأبيها أحمد الفيشاوي، في الوقت نفسه الذي استعانت فيه عائلة «الفيشاوي» بعدد كبير من المحامين أدى إلى تكلفتهم أكثر من مليوني جنيه، لكن «الوسيمي» الذي أكد حينها إنه لا يدافع عن قضية «هند» مقابل أجر ولا طلبًا للشهرة، ليواجه في النهاية المحامي ممدوح الدكر الذي استقرت عائلة «الفيشاوي» على تمثيله لهم لهيئة الدفاع عن ابنهم.لم يدخر «الوسيمي» جهدًا في القضية، وأثبت بنوة «لينا» لأبيها، من خلال الاستعانة بمعامل تحليل الحمض النووي DNA، لإثبات صدق موكلته، ومع عناد «الفيشاوي» وإصراره على أنه لم يتزوج «هند» واعترافه بأنه أقام معها علاقة غير شرعية لم ترقى إلى مستوى الزواج الرسمي أو العرفي قام «الوسيمي» باتهامه بالزنا ليضاف إلى تهمه واحدة جديدة تضعف من موقفه.
«كالجراح الشاطر أو كمدرب كرة قدم» هكذا وصف «الوسيمي» نفسه بعد نجاحه في إثبات نسب «لينا» لأبيها أحمد الفيشاوي، لكن الأمر تعدى ذلك المرحلة حتى وصل إلى قيام اللجنة التشريعية بمجلس الشعب بمناقشة مشروع قانون قدمته وزارة العدل بتعديلات قانون الأسرة يوصي بضرورة خضوع الرجل للتحليلات الطبية في حالات المنازعة في النسب.
ورأى البعض أن دفاع «الوسيمي» أدى إلى تعديل رسمي في قانون الطفل، لتنص مادة 4 منه على أنه «للطفل الحق في نسبه إلى والديه الشرعيين والتمتع برعايتهما، وله الحق في إثبات نسبه الشرعي إليهما بكافة وسائل الإثبات بما فيها الوسائل العلمية المشروعة وعلى الوالدين أن يوفرا الرعاية والحماية الضرورية للطفل، وعلى الدولة أن توفر رعاية بديلة لكل طفل حرم من رعاية أسرته، ويحظر التبني».
المثير أن معارك «الدكر» و«الوسيمي» لم تقف عند هذا الحد، بل عاد الصراع القضائي بينهما مرة أخرى بعد أن دخلا مجددًا في دعوى كان أحد طرفيهت أحمد الفيشاوي أيضًا، عندما أقام «الوسيمي» دعوى للمطالبة بحق زوجته الثانية وسام في مؤخر الصداق بعد تطليق «الفيشاوي» لها غيابيًا في 2007.
لا يبدو في الأفق كيف سيدافع كل طرف عن موكله حاليًا وما الأساليب التي سيتبعها لإثبات صحة موقف موكله، في ظل قضية متروكة للمحكمة وجلسات الدردشة وأحاديث النميمة.
بشكل عام تحولت قضايا الأحوال الشخصية، منذ إثارة قضية «هند وأحمد» من قضايا درجة ثالثة إلى قضايا مستوى أول، وأصبحت تتوازى فى الأتعاب والأهمية التي تحيط بها مع قضايا القتل والمخدرات، بسبب دخول محامين الصف الأول في مصر على خط المواجهة القضائية فيما بينهم، ليظل القارئ والمواطن يتابعون هؤلاء النجوم من أمثال مرتضى منصور وعاصم قنديل وممدوح الوسيمي ومحمد الدكر وغيرهم وهم يترافعون.